فصل: الفرض الثالث: غسل اليدين إلى المرفقين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.8- ترك الشيب وإبقاؤه:

سواء كان في اللحية أو في الرأس، والمرأة والرجل في ذلك سواء، لحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تنتف الشيب فإنه نور المسلم، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنة، ورفعه بها درجة، وحط عنه بها خطيئة»، رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
وعن أنس رضي الله عنه قال: «كنا نكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته» رواه مسلم.

.9- تغيير الشيب:

بالحناء والحمرة والصفرة ونحوها، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم» رواه الجماعة، ولحديث أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحسن ما غيرتم به هذا الشيب الحناء والكتم» رواه الخمسة.
وقد ورد ما يفيد كراهة الخضاب، ويظهر أن هذا مما يختلف باختلاف السن والعرف والعادة.
فقد روي عن بعض الصحابة أن ترك الخضاب أفضل، وروي عن بعضهم أن فعله أفضل، وكان بعضهم يخضب بالصفرة، وبعضهم بالحناء والكتم وبعضهم بالزعفران، وخضب جماعة منهم بالسواد.
ذكر الحافظ في الفتح عن ابن شهاب الزهري أنه قال: كنا نخضب بالسواد إذا كان الوجه حديدا، فلما نفض الوجه والاسنان تركناه.
وأما حديث جابر رضي الله عنه قال: جئ بأبي قحافة والد أبي بكر يوم الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكأن رأسه ثغامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اذهبوا به إلى بعض نسائه فلتغيره بشئ وجنبوه السواد» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي، فإنه واقعة عين، ووقائع الاعيان لا عموم لها.
ثم أنه لا يستحسن لرجل كأبي قحافة، وقد اشتعل رأسه شيبا، أن يصبغ بالسواد، فهذا مما لا يليق بمثله.

.10- التطيب بالمسك:

وغيره من الطيب الذي يسر النفس، ويشرح الصدر، وينبه الروح، ويبعث في البدن نشاطا وقوة، لحديث أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حبب إلي من الدنيا النساء الطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة» رواه أحمد والنسائي، ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عرض عليه طيب فلا يرده، فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة» رواه مسلم والنسائي وأبو داود، وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المسك: «هو أطيب الطيب» رواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه، وعن نافع قال: كان ابن عمر يستجمر بالالوة غير مطراة، وبكافور يطرحه مع الالوة ويقول: هكذا كان يستجمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. رواه مسلم والنسائي.

.الوضوء:

الوضوء معروف من أنه: طهارة مائية تتعلق بالوجه واليدين والرأس والرجلين، ومباحثه ما يأتي:

.دليل مشروعيته:

ثبتت مشروعيته بأدلة ثلاثة:

.الدليل الأول:

الكتاب الكريم، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين}.

.الدليل الثاني:

السنة، روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» رواه الشيخان وأبو داود والترمذي.

.الدليل الثالث:

الاجماع، انعقد إجماع المسلمين على مشروعية الوضوء من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، فصار معلوما من الدين بالضرورة.

.فضله:

ورد في فضل الوضوء أحاديث كثيرة نكتفي بالاشارة إلى بعضها: أ- عن عبد الله الصنابجي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال إذا توضأ العبد فمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنشر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظافر يديه فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظافر رجليه ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة» رواه مالك والنسائي وابن ماجه والحاكم.
ب- وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الخصلة الصالحة تكون في الرجل يصلح الله بها عمله كله، وطهور الرجل لصلاته يكفر الله بطهوره ذنوبه وتبقى صلاته له نافلة» رواه أبو يعلى والبزار والطبراني في الاوسط.
ج- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات. قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط» رواه مالك ومسلم والترمذي والنسائي.
د- وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال: «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم عن قريب لاحقون، وددت لو أنا قد رأينا إخواننا» قالوا: أو لسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: «أنتم أصحابي وإخواننا الذين لم يأتوا بعد» قالوا: كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟ قال: «أرأيت لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهري خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم: ألا هلم، فيقال: إنهم بدلوا بعدك فأقول: سحقا سحقا» رواه مسلم.

.فرائضه:

للوضوء فرائض وأركان تتركب منها حقيقته، إذا تخلف فرض منها لا يتحقق ولا يعتد به شرعا، وإليك بيانها:

.الفرض الأول: النية:

وحقيقتها الارادة المتوجهة نحو الفعل، ابتغاء رضا الله تعالى وامتثال حكمه، وهي عمل قلبي محض لا دخل للسان فيه، والتلفظ بها غير مشروع، ودليل فرضيتها حديث عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنما الاعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» الحديث رواه الجماعة.

.الفرض الثاني: غسل الوجه مرة واحدة:

أي إسالة الماء عليه، لأن معنى الغسل الاسالة.
وحد الوجه من أعلى تسطيح الجبهة إلى أسفل اللحيين طولا، ومن شحمة الاذن إلى شحمة الأذن عرضا.

.الفرض الثالث: غسل اليدين إلى المرفقين:

والمرفق هو المفصل الذي بين العضد والساعد، ويدخل المرفقان فيما يجب غسله وهذا هو المضطرد من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يرد عنه صلى الله عليه وسلم أنه ترك غسلهما.

.الفرض الرابع مسح الرأس:

والمسح معناه الاصابة بالبلل، ولا يتحقق إلا بحركة العضو الماسح ملصقا بالممسوح فوضع اليد أو الاصبع على الرأس أو غيره لا يسمى مسحا، ثم إن ظاهر قوله تعالى: {وامسحوا برءوسكم} لا يقتضي وجوب تعميم الرأس بالمسح، بل يفهم منه أن مسح بعض الرأس يكفي في الامتثال، والمحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذاك طرق ثلاث:
أ- مسح جميع رأسه: ففي حديث عبد الله بن زيد «أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه» رواه الجماعة.
ب- مسحه على العمامة وحدها: ففي حديث عمرو بن أمية رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفيه، رواه أحمد والبخاري وابن ماجه.
وعن بلال: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «امسحوا على الخفين والخمار» رواه أحمد.
وقال عمر رضي الله عنه: «من لم يطهره المسح على العمامة لا طهره الله»، وقد ورد في ذلك أحاديث رواها البخاري ومسلم وغيرهما من الائمة.
كما ورد العمل به عن كثير من أهل العلم.
ج- مسحه على الناصية والعمامة، ففي حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه «أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والخفين» رواه مسلم.
هذا هو المحفوظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يحفظ عنه الاقتصار على مسح بعض الرأس، وإن كان ظاهر الآية يقتضيه كما تقدم، ثم إنه لا يكفي مسح الشعر الخارج عن محاذاة الرأس كالضفيرة.

.الفرض الخامس: غسل الرجلين مع الكعبين:

وهذا هو الثابت المتواتر من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وقوله.
قال ابن عمر رضي الله عنهما: تخلف عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة فأدركنا وقد أرهقنا العصر، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا فنادى بأعلى صوته: «ويل للاعقاب من النار» مرتين أو ثلاثا، متفق عليه، وقال عبد الرحمن بن أبي ليلى: أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل العقبين.
وما تقدم من الفرائض هو المنصوص عليه في قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين}.

.الفرض السادس: الترتيب:

لأن الله تعالى قد ذكر في الآية فرائض الوضوء مرتبة مع فصل الرجلين عن اليدين - وفريضة كل منهما الغسل - بالرأس الذي فريضته المسح، والعرب لا تقطع النظير عن نظيره إلا لفائدة.
وهي هنا الترتيب، والآية ما سبقت إلا لبيان الواجب، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «ابدأوا بما بدأ الله به» ومضت السنة العملية على هذا الترتيب بين الاركان فلم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه توضأ إلا مرتبا، والوضوء عبادة ومدار الأمر في العبادات على الاتباع، فليس لاحد أن يخالف المأثور في كيفية وضوئه صلى الله عليه وسلم، خصوصا ما كان مضطردا منها.

.سنن الوضوء:

أي ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل من غير لزوم ولا إنكار على من تركها.
وبيانها ما يأتي:

.التسمية في أوله:

ورد في التسمية للوضوء أحاديث ضعيفة لكن مجموعها يزيدها قوة تدل على أن لها أصلا، وهي بعد ذلك أمر حسن في نفسه، ومشروع في الجملة.

.السواك:

ويطلق على العود الذي يستاك به وعلى الاستياك نفسه، وهو دلك الاسنان بذلك العود أو نحوه من كل خشن تنظف به الاسنان، وخير ما يستاك به عود الاراك الذي يؤتي به من الحجاز، لأن من خواصه أن يشد اللثة، ويحول دون مرض الاسنان، ويقوي على الهضم، ويدر البول، وإن كانت السنة تحصل بكل ما يزيل صفرة الاسنان وينظف الفم كالفرشة ونحوها.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل وضوء،» رواه مالك والشافعي والبيهقي والحاكم.
وعن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «السواك مطهرة للفم، مرضاة للرب» رواه أحمد والنسائي والترمذي.
وهو مستحب في جميع الاوقات ولكن في خمسة أوقات أشد استحبابا:
1- عند الوضوء.
2- وعند الصلاة.
3- وعند قراءة القرآن.
4- وعند الاستيقاظ من النوم.
5- وعند تغير الفم.
والصائم والمفطر في استعماله أول النهار وآخره سواء، لحديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي، يتسوك وهو صائم» رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وإذا استعمل السواك، فالسنة غسله بعد الاستعمال تنظيفا له، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يستاك فيعطيني السواك، لاغسله فأبدأ به فأستاك ثم أغسله وأدفعه إليه» رواه أبو داود والبيهقي.
ويسن لمن لا أسنان له أن يستاك بإصبعه، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله الرجل يذهب فوه أيستاك؟ قال: «نعم» قلت: كيف يصنع؟ قال: «يدخل إصبعه في فيه» رواه الطبراني.